لطالما نفهم الأمور بنظرة عين واحدة، ولربما نتظاهر بالنظر، الحياة على الأرض تسير بهذا الشكل فكلما ظهر شيء
أمامنا نراه من وجهة نظر واحدة ولا ننظر مجددًا لها، فنظرة الأب لابنه وحبه الشديد له الذي يسلب من الابن ما يحب خوفًا عليه من شيء لم يأتِ بعد، فالأب يخاف على ابنه من الرسوب في الامتحانات، فيسلب منه طفولته وبراءته ليصبح كالآلة ترى الدنيا أرقامًا وحروف، والام تسلب الأمان من طفلتها حينما تخيفها بقصص أبو رجل مسلوخة وأمنا الغولة، على الرغم من هدف القصص هو الاتعاظ والحيطة!
فماذا عن الثانوية العامة؟
أرى أن الثانوية العامة تشبه لدغة النحل، فهي مؤلمة وتطول أثرها، نحن في مصر نعطي هذه المرحلة حجمًا أكبر
منه،
منه،
فيقال على هذه المرحلة "مارثون الثانوية" ويُقال "إعلان حالة الطوارئ" وتشغيل "اللمبة الحمراء" وغيره من المسميات، وترى العائلة أجمع تعرف أن لديك الثانوية وكأنها الحصبة ويقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله، شد حيلك عايزينك تجيب مجموع حلو وتطلع الأول على الجمهورية علشان تدخل طب، وتفكك من تجارة وحقوق، علشان يبقى أخوك في هندسة وانت في طب.
كثير منا يعرف شخصًا وصل لهذه المرحلة وتخطاها، وإن سألته عن تجربته قال:
"يااااه فكرتني بالأمجاد! أيام مستر فلان ومستر علان، وكان يوم الجمعة بنزور طنط فلانة، أيام مكان الواحد بينجح بمزاجه، أيام مكان الي ما بيعملش الواجب مبياخدش غير كلمتين أو تهديد من المستر أو الأهل وشكرًا، أيام الثانوية كانت صعبة بس بحبها"
أقول في الثانوية أنها رِحلة للعمل في دولة أخرى، كمن سافر إلى الخليج على سبيل المثال.
الثانوية العامة هي من وجهة نظري أفشل شيء في حياة المصريين، فهي كانت سببًا رئيسيًا في انتحار كثير من الطلاب بعد معرفتهم نتائجهم، هي ما سلبت مننا خبرات وتجارب قد تكون أفضل وأكثر أهمية من الثانوية العامة، هي تسلب الطموح وتسلب الأمل من جميع من تذوق طعمها، فهنالك من يطمح للتي تسمى بكليات القمة، وهذا وحده أمرًا قد ينشر ويثير الأفكار الطبقية، ويكون مجتمعًا طبقيًا، فحينما يتقدم شاب إلى فتاة أحبها سأله الأب:" وانت يا حبيبي متخرج من كلية إيه؟"
تعليقي الأول: أنه لا داعي لهذا السؤال، وأعتقد أنه من الأفضل أن يسأل الأب عن الراتب رغم أنه ليس السؤال الأفضل.
إن كانت الكلية التي تَخَرَّج منها الشاب هي من كليات القمة ككليات الطِب والهندسة، ولربما الكليات العسكرية كالحربية والبحرية، والشرطة...حينها قد يتم قبول الشاب ولو كان مدمنًا للخمور والكحول ولو كان لِصًّا أو قاتلًا مأجورًا، أما إذا كان الشاب المتقدم تخَرَّج من كلية الحقوق أو سياحة وفنادق، ولربما معهد لغات وترجمة، قد يصرف الأب نظره عن الزيجة ولو كان راتب الشاب لا يقل عن عشرة آلاف جنيه بالشهر.
أرى أننا قد نسينا المبدأ من الزواج والمبدأ من التعلم، والمبدأ من الحياه!
مبدأ الزواج هو السكينة وإكمال دورة الحياة كالتكاثر والإنجاب، وهناك أهدافًا أخرى عديدة ومختلفة، ليس من الأهمية أن أذكرها حاليًا، والمبدأ الأساسي من التعليم هو التعليم! فالطالب للعلم يهدف لأن يحصل على القدر الكافي من المعرفة التي تعينه على اكتساب القدرة على تحليل وفهم المسلمات التي تدور حوله وإدراك كل ما يحدث في الدنيا وحتى الآخرة وفهم الدين والكثير والكثير من الأهداف وراء التعليم!
وما مبدأ الحياة؟
مبدأها العبادة، لو نظرنا جميعًا إلى أفعالنا وبدأنا إحصائها ومراقبتها وسألنا أنفسنا: هل لعملي هذا عبادة؟
أي خطوة تخطوها، أي كلمة تتفوه بها أي شيء تقرأه أو تسمعه، هل من ورائه أية صلة بالعبادة،؟ السؤال لك!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق