ما جعلني أفكر في كتابة هذا المنشور هو مقطع فيديو قصير للغاية، لا يتعدى الدقيقة، جعلني أشعر بشيء ربما يصيبني أو يصيب غيري.
توقفت لحظة متسائلًا: ماذا إذا لقدَّر الله، أصاب أخي مرض الزهايمر (حفظه الله)؟ ثم أجبت قائلًا: سيُمحَى تاريخنا، سنفقد طعم طعم الطفولة التي تقاسمناها! نفقد طعم الحياة التي كانت مغامراتنا فيها، سنفقد أحلى لحظات حياتنا التي كانت تجمعنا وقت اختلافنا.
أحاول الآن المحافظة على أعصابي ولا أريد أن أفقدها: تخيلت أن أخي بعد عُمْرٍ طويل، نجلس سويًّا، هو يشرب القهوة وأنا ربما أقرأ كتابًا، فجأة ينظر أخي في وجهي ويقول: شكلك يبدو أنك رجل مثقف! حينها سأتذكر أن أخي يعاني من هذا المرض وهو الزهايمر! ولن أجد قولًا يقال! لربما إن قلت له أنني أخاه، قد يُكَذِّبني ولربما يُدرِك أنه يعاني من الزهايمر فيصيبه الحزن.
تخيلت الآن أن أعز أصدقائي هو المصاب بهذا المرض، هذا الصديق الذي أعرفه منذ أن كنا في المدرسة، حينما تشاركنا المصاعب الدراسية، ومحاولة فهم مادة ما، هذا الصديق الذي كان متواجدًا في أي مكان أتجه له، ولو كانت أحلامي! تخيل أنه الآن مصاب بالزهايمر! تخيل أن كل دقيقة عشناها سويًا ذهبت مع أوراق الشجر التي تطير مع هبوب الرياح! لن أجد شيئًا في رأسه بينما كانت رأسه هي التي كانت تُذَكِّرني بكل لحظة سعيدة وبكل لحظة حزينة، هل هي النهاية! هل هذا معناه أنه جثة حية جالسة بجانبي، لا ماضٍ بها ولا حاضر، لا حُلم بقي لها ولا أمل، يأكل ولا يطعم غذائه، يرتوي ولا تخضر أوراقه! أهذا هو مريض الزهايمر.
وماذا لو أنا المصاب؟ ماذا لو أنا المصاب؟! كيف سيكون شعوري، فكل همومي لن يكن لها وجود، سأنسى أمراضي، سأنسى أقاربي، سأنسى كل شيء ولن يتبقى لي غير لغتي وبعض الأشياء التي أراها، إن كنت أستطيع رؤيتها. تخيل كم ستكون حياتي مؤلمة أو مملة، فإنني فقط أتوجع من أمراضي دون العلم بسببها ولا العلم بأولها، ولا العلم بما دفعني إلى أن أصل إلى هذا الحال. سأنسى هويتي سأنسى الأيام التي مرت علي حتى ثقُلت أجفان عيوني، سأنسى الأيام التي أشابت ما تبقى من شعر رأسي إن بقي لي شعر!
في النهاية، إنه مرض، ولا أحد يتمنى أو يريد أن يكون له أي مرضن فنسأل الله أن يعافينا منه وأن يبعدنا عنه، داعين الله بأن يشفي كل مريض ويلهم أهل هذا المريض بالصبر.
أترككم مع المقطع الذي ألهمني لكتابة هذا المنشور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق